<br />
<br />
<br />
<br />
المدخل: 1<br />
(اطلالة علىٰ المدوّنات الكلامية) هو عنوان شامل أطلقتُه علىٰ مجموع سلسلة من المقالات تتناول دراسة التراث الكلامي وإعادة قراءته. ونسعىٰ في هذه السلسلة من المقالات أن نعرّف النصوص الكلامية المهمّة لمختلف الفرق الإسلامية ـ وخاصّة المذهب الشيعي ـ وأن ندرس مختلف جوانبها. ومن الواضح أنّ معرفة المصادر الكلامية والتعرّف علىٰ مميّزات وخصوصيّات كلّ واحد منها يعتبر من المقدّمات المهمّة في عالم التحقيق في مجال علم الكلام. فكلّ تحقيق يفتقر إلىٰ الاطّلاع الشامل والجامع والدقيق بتراث المتكلّمين الإسلاميّين فيما يخصّ آراءهم الاعتقادية وتطوّر الفكر الكلامي الإسلامي سيبقىٰ ناقصاً وغير تامّ وبعيداً عن النضوج، ويفتقر إلىٰ مقوّمات التحقيق العلمي. بناء علىٰ هذا؛ فإنّ الاطّلاع علىٰ المصادر الكلامية ومعرفة هيكلية تقسيم أبوابها وترتيب فصولها ومواضيعها، ومضامين كلّ واحد منها، ومعرفة موقعيّتها ومكانتها بين المؤلّفات الكلامية، كلّ ذلك يعتبر من الأمور المهمّة التي لابدّ من الإلمام بها في مجال التحقيقات والدراسات الكلامية. <br />
إنّ أحد الأمور المهمّة في التحقيق الدقيق والعميق في علم الكلام هو أن يقوم المحقّق بدراسة وتقصّي جميع المصادر التي لها علاقة بالبحث الذي هو بصدده، وأن لا يتوانا عن مراجعة كلّ كتاب جدير بالمراجعة تمّ تأليفه له علاقة بموضوع التحقيق. فمن المميّزات اللافتة للنظر في أغلب دراسات المستشرقين البارزين، هو معرفتهم الكاملة والدقيقة بمصادر التحقيق، والاستفادة القصوىٰ منها في عملية التحقيق. وهي سمة ناتجة عن اهتمامهم وسعيهم الدؤوب في مجال التحقيق، وللأسف قلّما نرىٰ هذا الجدّ والاجتهاد عند الباحثين من أبناء جلدتنا اليوم، وذلك بسبب التسرّع وتقاعس الهمم عند البعض منهم. وعلىٰ كلّ حال؛ فإنّنا اليوم قلّما نرىٰ في الكتابات الكلامية مقالات في مجال التعريف بالكتب تتناول المدوّنات الكلامية ودراستها، وقد سعينا قدر الإمكان في هذه السلسلة من المقالات أن نخطو خطوة باتّجاه الهدف السامي في إعادة دراسة التراث الكلامي الإسلامي والتعرّف عليه. <br />
وسوف نسعىٰ في هذه المقالات إلىٰ تعريف الكتب الكلامية المهمّة لمتكلّمي مختلف المذاهب، التي لها تأثيرها علىٰ الساحة العلمية ـ وبالطبع فإنّ الصدارة في تعريفنا لمتكلّمي المذاهب وكتبهم سوف تكون من نصيب متكلّمي الشيعة ومؤلّفاتهم ـ وسوف نتناول في هذه السلسلة من المقالات الكلامَ عن هيكلية تقسيم أبواب كلّ واحد من تلك الكتب وترتيب فصوله ومواضيعه ومضامينه وموقعيته وأهمّيّته في منظومة المؤلّفات الكلامية، ومن ثمّ نقوم في نهاية المطاف بتبيين وتقييم التصحيحات والتحقيقات التي تناولت مختلف هذه الكتب. ولا يخفىٰ أنّه ليس الهدف في هذه المقالات أن نقدّم تقريراً ودراسة دقيقة وجامعة عن مختلف أبعاد كلّ واحد من الكتب الكلامية، إذ أنّ تعقّب مثل هذا الهدف والوصول إلىٰ غايته يحتاج إلىٰ دراسات وتحقيقات جماعية ووقت طويل في هذا المجال. فالهدف هنا هو تقديم معلومات أوّلية للتعريف بالكتب الكلامية، ليتعرّف الباحث والمحقّق في مجال الكلام الإسلامي ـ وخاصّة الشيعي منه ـ بمقدار الضرورة وعلىٰ نحو الاختصار علىٰ تراث متكلّمي المسلمين، وأن يخطو في دراساته لهذه المصادر بقدم ثابتة وبمزيد من الاطّلاع عليها. وفضلاً عن تقديم المعلومات الأوّلية التي تتناول خصوصيّات هيكلية الكتب الكلامية ومضامينها في هذه السلسلة من المقالات فإنّ غاية ما نروم إليه في هذه السلسلة هو خصوص تبيين وتقييم التحقيقات والتصحيحات المختلفة التي تناولت تلك الكتب. ويعود هذا الاهتمام الخاصّ بتبيين وتقييم هذه التحقيقات إلىٰ حقيقة مفادها: إنّ الباحث في النصوص الكلامية لابدّ وأن يتعرّف علىٰ الطبعات والتحقيقات المختلفة لتلك النصوص ليستفيد من أفضلها في أبحاثه الكلامية. فإنّ الرجوع إلىٰ التحقيقات والتصحيحات الخاطئة وغير الدقيقة للمؤلّفات الكلامية يمكن أن يؤدّي بالباحث والمحقّق إلىٰ الوقوع بالخطأ في فهمه من تلك التحقيقات، ويقلّل من متانة ودقّة بحثه وتحقيقه؛ حيث هناك الكثير من النصوص التي طبعت معيبة وناقصة إلىٰ حدّ بحيث لا تمتلك في الأساس صلاحية الإحالة إليها والتعويل عليها؛ وذلك بسبب إهمال المحقّق أو عدم تخصّصه في أمر تحقيق النصّ، ممّا يستوجب علىٰ الباحث أن يعود إلىٰ النسخ الخطّية من تلك الكتب عوضاً عن الرجوع إلىٰ تلك التحقيقات. وسنتناول في هذه السلسلة من المقالات نماذج من مثل هذه التحقيقات. لذلك، فإنّ التعرّف علىٰ الطبعات والتحقيقات المعتبرة من غيرها وتمييزها يعدّ من المهارات الضرورية للباحثين في علم الكلام، بل لكلّ باحث ومحقّق يروم دراسة النصوص. ولذلك أسعىٰ ـ قدر الإمكان ـ في هذه السلسلة من المقالات أن أتطرّق إلىٰ تقييم مختلف تحقيقات الكتب الكلامية، وأن أقدّم للقارئ الكريم ما أراه الأفضل من بين تلك الطبعات. وآمل أن يتحمّل مصحّحوا ومحقّقوا الكتب الكلامية وناشروها المحترمون في بلداننا هذا التقييم والتحكيم من هذا الأقلّ، وأن لا يروا مدحه وذمّه لأعمالهم ناشئاً عن رفاقة أو عن منافسة، وأن لا يتحمّلوا وزر الدعاء عليه، ولا حتّىٰ استحسان عمله، فإنّ الله من وراء القصد.<br />
نظرة عجلىٰ علىٰ مقام العلّامة الحلّي ومكانته في منظومة الكلام الإمامي:<br />
هناك آراء مختلفة في شأن شخصية العلّامة الحلّي كمتكلّم (648ـ726هـ)، وفي خصوص مقامه وكتبه في الكلام الشيعي؛ فقد اعتبر البعض من أصحاب الخبرة أنّ كتب العلّامة العديدة والمتنوّعة دليل علىٰ مقامه الرفيع في الكلام الشيعي، ويعتقدون أنّه لولا تأليفاته وشروحه لا يمكن فهم الكثير من النصوص والأبحاث الكلامية للقدماء. في حين نرىٰ في الطرف المقابل أنّ البعض قد انتقده بسبب تأليفاته المكرّرة وغير المبتكرة، أو بسبب تقلّب آرائه في قسم من المسائل الكلامية، واعتبروه عالماً وليس متكلّماً ، أو متكلّماً ولكنّه ليس له ذاك التأثير في هذا المجال. ونحن نتحرّز أن نبدي رأياً قاطعاً في هذا المجال قبل التحرّي في الأمر والدراسة الكاملة لكتب العلّامة الحلّي؛ ولكن يمكننا أن نقول بهذا المقدار، وهو: إنّ تراث العلّامة الحلّي في علم الكلام علىٰ أقلّ تقدير من حيث شرح وتفصيل المسائل الكلامية وتسهيل فهمها وانتقال المعارف الكلامية المفيدة، هي كتب قيّمة جدّاً وجديرة بالاهتمام. وللعلّامة الحلّي باع في توضيح المسائل الفلسفية والكلامية، ولديه بيان سهل وقلم بليغ، ممّا أدّىٰ إلىٰ تمهيد الأرضية لاستقبال كتبه الكلامية من قبل الآخرين والإقبال عليها، ونخصّ بالذكر منها شروحه علىٰ النصوص الموجزة والصعبة مثل: (تجريد الاعتقاد) لنصير الدين الطوسي و(الياقوت) لإبراهيم بن نوبخت. وتعتبر الكتب المفصّلة للعلّامة مثل: (نهاية المرام) وإلىٰ حدّ ما: (الأسرار الخفية) كتباً قيّمة، فهي ذات معلومات مفيدة فيما يخصّ مختلف مسائل علم الكلام. بناء علىٰ هذا فإنّ التراث الكلامي للعلّامة الحلّي ـ في المجموع ـ يشكّل جزءاً مهمّاً من التراث الكلامي الإمامي في القرون الهجرية الوسطىٰ، بحيث إذا قمنا بحذف ذلك التراث من قائمة الكتب الكلامية الشيعية لتلك الحقبة؛ لا يبقىٰ لنا حينها من التراث الكلامي الشيعي ما يرشدنا إلىٰ ذلك التراث الفكري الثرّ وتطوّره في تلك الحقبة سوىٰ بعض الكتب من تراثنا الكلامي. كما أنّ بعض كتب العلّامة مثل: (كشف المراد) و(الباب الحادي عشر) و(نهج المسترشدين) هي الأخرىٰ تعدّ ـ ومنذ زمن تأليفها وحتّىٰ يومنا هذا ـ من ضمن البرنامج الدراسي في مجموعة الكتب الدراسية لطالبي علم الكلام، وهي تعتبر الأساس في دراسة علم الكلام الإمامي في الحوزات العلمية الشيعية. وأكتفي بهذا المقدار لإثبات مقام العلّامة الحلّي وكتبه وأهمّيّتهما في الكلام الشيعي، وأحيل تفصيل الكلام في هذا الشأن عند تعريفي كتب العلّامة.<br />
كتاب: (نهج المسترشدين في أصول الدين):<br />
يعدّ كتاب: (نهج المسترشدين في أصول الدين) للعلّامة الحلّي (ت 726هـ) ـ المتكلّم البارز في مدرسة الحلّة ـ من الكتب المختصرة من حيث عدد الأوراق، ولكنّه من الكتب القيّمة من حيث المحتوىٰ والمضمون. وقد ألّف العلّامة هذا الكتاب بطلب من نجله فخر المحقّقين، وقد فرغ منه في (ربيع الأوّل سنة 699هـ)2. <br />
وقد تمّت طباعة هذا الكتاب (سنة 1303هـ) بطبعة حجرية في بومباي الهند مع كتاب: (إرشاد الطالبين). ومن ثمّ قام كلّ من السيّد أحمد الحسيني والشيخ هادي اليوسفي بتصحيح وتحقيق: (نهج المسترشدين) وقام مجمع الذخائر الإسلامية في قم بطباعته ونشره في (68 صفحة) بالقطع الوزيري، وكان تحقيقهما للكتاب اعتماداً علىٰ نسختين منه موجودتين في مكتبة آية الله المرعشي النجفي، رقم: (3/4) والتي كتبت بتاريخ (705هـ) والنسخة رقم: (6 /1467) التي كتبت بتاريخ (1106هـ)، في حين يوجد اليوم نسخ خطّية كثيرة من هذا الكتاب نتيجة لإقبال علماء الشيعة عليه واهتمامهم به، بحيث أنّ بعضها ـ مثل النسخة رقم: (955) في مكتبة آستان قدس رضوي ـ كتبت في زمان حياة العلّامة بتاريخ (702هـ)، وكان ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار في تحقيق هذا الكتاب. وقد تمّ تعريف (94 نسخة خطّية) من: (نهج المسترشدين) في فهرست فنخا3. علماً بأنّ هذا هو العدد الذي تمّ فهرسته لنسخ هذا الكتاب، فإذا أضفنا إلىٰ هذا العدد النسخ التي لم تفهرس، والنسخ الموجودة خارج إيران4 أيضاً، حينها يتبيّن لنا بوضوح العدد الهائل الحقيقي من نسخ هذا الكتاب. ولذلك فإنّ تحقيق هذا الكتاب ـ اعتماداً علىٰ نسختين إحداهما متأخّرة ولم تحضَ باعتبار هامّ ـ لا يمكن بطبيعة الحال تصوّر كونه تحقيقاً منقّحاً وعلميّاً.<br />
هذا ومن حيث التحقيق فإنّ عمل المحقّقَين ـ شكر الله مساعيهما ـ أيضاً لم يكن تحقيقاً فنّيّاً ولا موافقاً لأصول التحقيق، وقد خلا المتن في هذا التحقيق من نسخ البدل تقريباً؛ علماً بأنّ النسخ البديلة هي أحد الشروط اللازمة ومن المميّزات البارزة للتحقيق الفنّي العلمي الدقيق. وفضلاً عن الأخطاء الواضحة في ضبط الكلمات في هذا التحقيق ـ مثل: ضبط (الأعراض) بدلاً عن الوجه الصحيح: (الأعواض)5 ؛ والضبط الخاطئ لكلمة: (استعمال) عوضاً عن: (اشتمال)6 ؛ والضبط الخاطئ لكلمة: (الإجماع) عوضاً عن: (للإجماع)7 ، وبصرف النظر عن بعض السقوطات، مثل: سقط كلمة: (یتّبع) من عبارة: «إنّه إذا فعل معصیة فإمّا أن یتّبع، وهو قبیح لا یقع التکلیف به، وإمّا أن لا فینتفي فائدة البعثة»8، حيث إنّ الوجه الكامل للعبارة هو: «وإمّا أن لا یتّبع فینتفي فائدة البعثة» ـ فإنّه يحتوي علىٰ إشكالات أساسية في تنظيم وترتيب وتقطيع النصّ من حيث استخدام العلائم، وعدم الاعتناء بالفواصل اللازمة بين الكلمات في الكثير من المواضع، وكذلك في تقطيع العبارات وتحديد الفقرات؛ فعلىٰ سبيل المثال ـ نشير فيما يخصّ تقطيع العبارات وتحديد الفقرات ـ إلىٰ العبارة التالية فقط: «والأشعریّة أثبتوا معنىٰ قائماً بذاته تعالىٰ قدیماً مغایراً للحروف والأصوات، تدلّ علیه العبارات.<br />
وهو واحد، لیس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا نداء، ویسمّىٰ: (الکلام النفساني)»9 <br />
فالعبارة الآنفة الذكر: «وهو واحد...» هي استمرار لتوصيف الكلام النفساني علىٰ رأي الأشاعرة، ولا ينبغي أن يأتي في فقرة مستقلّة، بل كان يجب أن يأتي استمراراً لنفس العبارة السابقة.<br />
ويمكن ملاحظة مثل هذه الموارد في هذا التحقيق.<br />
وعلىٰ كلّ، فبناء علىٰ ما ذكرناه فإنّ التحقيق الموجود من: (نهج المسترشدين) لا يعدّ تحقيقاً فنّيّاً ولا علميّاً، ولابدّ من تحقيق هذا الكتاب القيّم مرّة أخرىٰ تحقيقاً علميّاً دقيقاً قائماً علىٰ أساس النسخ القديمة الكثيرة مع الأخذ بنظر الاعتبار الشروح المختلفة التي كتبت حول الكتاب.<br />
هذا وأنّ كتاب: (نهج المسترشدين) من حيث الهيكلية والترتيب يتكوّن من (ثلاثة عشر فصلاً)، حيث يشتمل كلّ فصل منها علىٰ عدّة أبحاث. وفصول هذا الكتاب هي عبارة عن: <br />
1ـ تقسیم المعلومات؛ 2ـ أقسام الممکنات؛ 3ـ أحکام المعلومات؛ 4ـ أحکام الموجودات؛ 5ـ إثبات واجب الوجود وصفاته؛ 6ـ أحکام صفات واجب الوجود؛ 7ـ فيما هو محال علىٰ الباري تعالىٰ؛ 8ـ العدل؛ 9ـ فروع العدل؛ 10ـ النبوّة؛ 11ـ الإمامة؛ 12ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر؛ 13ـ المعاد.<br />
تحتوي قائمة تأليفات العلّامة علىٰ العديد من الكتب الكلامية المختلفة، وهي كتب متنوّعة من حيث الإجمال والتفصيل، والعمق، والفائدة، والأهمّية، فقد ألّف العلّامة كلّ واحد من تلك الكتب لغرض معيّن. فكتابه: (نهج المسترشدين) ـ وكما عبّر عنه العلّامة كونه: (مقدّمة)10 ـ هو مقدّمة ومدخل إلىٰ علم الكلام، ويعتبر من كتبه المختصرة في هذا العلم، وبسبب هذا الإيجاز وشموليّته للمسائل الكلامية كان محلّ اهتمام علماء الشيعة في عصره وفي العصور اللاحقة، وقد كتبت حوله شروح مختلفة؛ فمن هذه الجهة يمكن مقايسة كتاب: (نهج المسترشدين) بكتاب: (الباب الحادي عشر)، إلّا أنّه من حيث المحتوىٰ وعدد الشروح وشهرته لا يمكن مقارنته مع: (الباب الحادي عشر). فمن بين كتب العلّامة الحلّي الكلامية المختصرة لا يوجد كتاب مثل: (الباب الحادي عشر) من حيث الإقبال عليه وشهرته. وبالرغم من أنّ الفاضل المقداد ذكر كتاب: (نهج المسترشدين) وصرّح بأنّه كان محلّ توجّه علماء الإمامية وأقبل علىٰ دراسته جمع غفير من طلبة علم الكلام، حيث قال: «... حتّىٰ شغف بالاشتغال به معظم الطلّاب، وعوّل علىٰ تقرير مباحثه جماعة الأصحاب»11؛ إلّا أنّه ليس بمنزلة: (الباب الحادي عشر) حيث كان نصّاً درسيّاً سرت شهرته في الحوزات العلمية الشيعية، وليس كـ: (الباب الحادي عشر) قدراً واهتماماً وشرحاً من قبل متأخّري المتكلّمين. وبالطبع فإنّ الاختلاف في الهيكلية وترتيب الموضوعات والمحتوىٰ بين هذين الكتابين هو في الأساس يرجع إلىٰ الأهداف المختلفة التي كان يرتئيها العلّامة من تأليفه لكلّ واحد من كتبه، وبناء علىٰ ذلك كان الاختلاف بين هاتين الرسالتين المختصرتين؛ إذ ألّف العلّامة الحلّي كتاب: (الباب الحادي عشر) مختصراً وقد وجّه الخطاب فيه إلىٰ عامّة الناس، وألّف كتاب: (نهج المسترشدين) موجزاً ولكنّه وجّه الخطاب فيه لخصوص طلّاب العلم، فإنّ عبارات العلّامة بهذا الشأن في حدّ ذاتها تحكي هذا الأمر، فالعنوان الكامل لرسالة: (الباب الحادي عشر) هو: (الباب الحادي عَشَر فیما یجب علىٰ عامّة المکلّفین من معرفة أصول الدین)، حيث يدلّ ذلك علىٰ أنّ العلّامة تناول في رسالته هذه تبيين أصول الدين باعتبار أنّ طلبها واجب علىٰ جميع المكلّفين. وقد صرّح في بدايتها قائلاً: إنّ المواضيع التي يذكرها في هذا المجال هي عبارة عن أقلّ مراتب المعرفة الدينية التي لا ينبغي لأيّ مسلم التخلّي عنها... وذلك في قوله: «فلابدّ من ذکر ما لا یمکن جهله علىٰ أحد من المسلمین، ومن جهل شیئاً منه خرج عن ربقة المؤمنین واستحقّ العقاب الدائم»12. بناء علىٰ هذا فإنّ مخاطب العلّامة في: (الباب الحادي عشر) هو كافّة المكلّفين، وكان جلّ اهتمامه في هذا الكتاب هو كليّات أصول الدين، أو بتعبير آخر: «أقلّ ما یجب الاعتقاد به». أمّا: (نهج المسترشدين) فإنّ المخاطب ـ علىٰ حدّ تعبير العلّامة ـ هو: (طلّاب الیقین)، والمواضيع التي كان يرمي إليها هي ملخّص القواعد الكلامية وعناوين فصول المواضيع الاعتقادية13 وباختصار؛ فإنّ كتاب: (نهج المسترشدين) هو كتاب موجز لشريحة خاصّة في المجتمع، ولكنّ: (الباب الحادي عشر) رسالة مختصرة إلّا أنّها في نفس الوقت بسيطة ولعامّة الناس.<br />
وقد سعىٰ العلّامة في كتاب: (نهج المسترشدين) أن يختصر الخطاب، ويبيّن اللباب من أصل المواضيع، محترزاً عن الإطناب والإسهاب. وبناء علىٰ هذا فقد اجتنب عن ذكر جميع الاستدلالات التي تمّت مناقشتها في مختلف الأبحاث، واكتفىٰ بذكر الأدلّة المنتخبة فقط. فلذلك كانت هذه الرسالة مناسبة لتدريس وتعليم علم الكلام في القرون الإسلامية الوسطىٰ، وكانت محلّ إقبال طالبي علم الكلام. ولأجل ذلك أكّد العلّامة الحلّي في نهاية هذه الرسالة علىٰ مَن أراد التفصيل والبسط في المواضيع علىه الرجوع إلىٰ كتابه الكبير: (نهایة المرام في علم الکلام)، وعلىٰ مَن أراد الاعتدال في مناقشة المسائل الكلامية فعليه مراجعة سائر كتبه مثل: (منتهىٰ الوصول) و(مناهج الیقین)14 وقد أرجع العلّامة أيضاً في أواسط أبحاث هذا الكتاب إلىٰ بعض كتبه مثل: (الأسرار الخفیّة)15، و(نهایة المرام) 16، و(مناهج الیقین)17 لمَن أراد من القرّاء التزوّد بمعلومات وفوائد أكثر.<br />
ثالثاً: الشروح المكتوبة علىٰ (نهج المسترشدين في أصول الدين):<br />
وكما قلنا سابقاً فإنّ كتاب: (نهج المسترشدين) شاع صيته بين علماء الشيعة بعد تأليفه، وحظىٰ بمنزلة مرموقة عندهم، وصار محلّ اهتمامهم وإقبالهم؛ والدليل علىٰ ذلك الشروح العديدة والمختلفة التي كتبت علىٰ هذا الكتاب منذ زمن تأليفه وحتّىٰ يومنا هذا. وأهمّ تلك الشروح هي:<br />
1ـ تذکرة الواصلین في شرح نهج المسترشدين: تألیف السیّد نظام الدین عبد الحمید بن مَجد الدین الأعرجي الحسیني، فرغ منه في (جمادىٰ الآخرة سنة 703هـ). وقد تمّ نشر هذا الشرح بتحقيق: الشيخ طاهر السلامي من قبل المرکز الإسلامي للدراسات الاستراتیجیة التابع للعتبة العبّاسیة في کربلا (سنة 1436هـ)؛ وسنبسط الكلام بالتفصيل ـ إن شاء الله ـ في العدد اللاحق عندما نتناول هذا التحقيق.<br />
2ـ تبصرة الطالبین في شرح نهج المسترشدين: تأليف السیّد عمید الدین عبد المطّلب بن محمّد (مَجد الدین) العمیدي الأعرَجي الحُسَیني (ت754ھ)، المعروف بـ: (عمید الدین بن الأعرج).<br />
تمّت كتابة هذا الشرح علىٰ طريقة: (قال ـ أقول)، ولم يطبع حتّىٰ الآن18؛ ولكن هناك نسخة منه موجودة في مكتبة آية الله الحكيم في النجف الأشرف، رقم: (5) فُرغ من كتابتها في (يوم الثلاثاء العشرين من رجب المرجّب سنة 813هـ). ويظهر من عبارات الدعاء للعلّامة في الشرح أنّها كتبت في زمن العلّامة الحلّي (ت726هـ)، بناء علىٰ هذا لابدّ وأنّها ألّفت ـ علىٰ أكثر تقدير ـ قبل (سنة 726هـ). وتوجد في أطراف بعض أوراق النسخة حواشٍ جديرة بالاهتمام نوعاً ما، وينبغي معرفة نسبتها إلىٰ كاتبها.<br />
3ـ معراج الیقین في شرح نهج المسترشدين في أصول الدین: شرح محمّد بن حسن بن یوسف بن المطهّر الحلّي (ت 771 هـ) المعروف بـ: (فخر المحقّقین) نجل العلّامة الحلّي، تمّت كتابته في (6 بيع الآخر سنة 715هـ). وقد تمّ نشره لاحقاً بتحقيق الشيخ طاهر السلامي من قبل المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية التابعة للعتبة العبّاسية، كربلاء المقدّسة. وسنتطرّق لتعريفه بتوفيق من الباري عزّ وجلّ في إحدىٰ مقالاتنا اللاحقة من سلسة هذه الأبحاث. <br />
4ـ موصل الطالبین إلىٰ شرح نهج المسترشدين: تأليف نصیر الدین الکاشاني (ت 755 ھ )؛ نصیر الدین الکاشاني (القاشي) (ت 755 هـ) متکلّم إمامي بارز سكن الحلّة، وكان أستاذاً لثلّة من العلماء مثل: السيّد حيدر الحلّي الآملي (ت 787هـ)؛ شمس الدين محمّد بن صدقة الحلّي؛ وابن العتائقي الحلّي (ت 790هـ). له مؤلّفات مهمّة مثل شرحه علىٰ: (نهج المسترشدين) الموسوم بـ: (موصل الطالبين). يعتبر هذا الشرح من الشروح التعليقية؛ حيث قام المصنّف في كلّ قسم من شرحه بتوضيح وشرح معاني الكلمات أو العبارات التي يذكرها من: (نهج المسترشدين) ويتناول المواضيع المرتبطة بها.<br />
ولم يطبع شرح الكاشي علىٰ: (نهج المسترشدين) حتّىٰ الآن؛ ولكن بناء علىٰ المعلومات المتوفّرة لدينا توجد منه ثلاث نسخ خطّية نذكرها فيما يلي19<br />
النسخةالأولىٰ: نسخة كاملة موجودة في مكتبة ملك الوطنية رقم: (1629)، تمّ الفراغ منها في (السادس من ربيع الأوّل سنة 791هـ).<br />
والنسختان الأخريان: موجودتان في مكتبة آستان قدس رضوي؛ إحداهما رقم: (14662)، وهي نسخة كاملة كتبت سنة (1091هـ)، والأخرىٰ رقم: (6536) (86 ورقة)، كتبت بين أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر، وسقطت من آخرها بعض الأوراق.<br />
تمّ تعريف هاتين النسختين الرضويّتين في فهرست (فنخا) بصفتهما شروحاً غير معروفة علىٰ (نهج المسترشدين)20؛ ولكن في الواقع هما مخطوطتان من (موصل الطالبين). ويحتمل أنّ الشيخ آقا بزرك الطهراني كان قد رأىٰ إحدىٰ هاتين النسختين فذكرها في الذريعة بصفتها شرحاً علىٰ: (نهج المسترشدين) لمؤلّف مجهول21. وعلىٰ العكس من تخمين الشيخ آقا بزرك الطهراني حيث كان يظنّ أنّ هذا الشرح إنّما هو من تأليف العلّامة نفسه، فمن خلال العبارات الأولىٰ من هذه النسخة يتبيّن أنّ النصّ المشار إليه من قبل الشيخ ما هو إلّا نفس (موصل الطالبين) لنصير الدين الكاشي.<br />
5ـ إرشاد الطالبین إلىٰ نهج المسترشدین: تألیف جمال الدین المِقداد بن عبد الله السیوري الحلّي (ت 826 هـ)، تمّ كتابته في (21 شعبان سنة 792هـ). وقد تمّ نشر هذا الشرح قبل سنين مضت بتحقيق السيّد مهدي الرجائي ولكنّه لا يزال يحتاج إلىٰ تحقيق علمي جديد22. وسنتكلّم إن شاء الله فيما يلي في سلسلة هذه الأبحاث بالتفصيل عن هذا الشرح وعن سائر الكتب الكلامية للفاضل المقداد.<br />
6ـ التحقیق المبین في شرح نهج المسترشدین في أصول الدین: تألیف نجم الدین خضر بن شیخ شمس الدین محمّد بن علي الرازي الحَبلَرودي (ت حدود 850هـ)، له العديد من الكتب الكلامية، منها: (التوضيح الأنور بالحجج الواردة لدفع شُبه الأعور)23؛ وشرح مبسوط علىٰ (الباب الحادي العشر) تحت عنوان: (جامع الدرر في شرح الباب الحادي عشر)؛ و(حقائق العرفان في خلاصة الأصول والميزان).<br />
التحقيق المبيّن: هو شرح مزجي مبسوط علىٰ (نهج المسترشدين) وقد تمّت كتابته في (الثلاثين من ذي القعدة سنة 828هـ) ولم يطبع هذا الشرح حتّىٰ الآن؛ ولكن توفّرت اليوم ثلاث نسخ خطّية منه24 <br />
النسخة الأولىٰ: النسخة رقم: (372) في مكتبة آستان قدس رضوي وتاريخ كتابتها (سنة1045هـ).<br />
النسخة الثانية: النسخة رقم: (6111) في مكتبة آية الله النجفي المرعشي، وتاريخ كتابتها (سنة1105 هـ).<br />
النسخة الثالثة: النسخة رقم: (1271) في مكتبة سپهسالار، وتاريخ كتابتها (سنة1256 هـ).<br />
7ـ كشف أحوال الدين في شرح نهج المسترشدين: للشيخ جواد بن سعيد بن جواد الكاظمي؛ الشارح هو شيخ الإسلام أستراباد، كان من تلامذة الشيخ البهائي، وعلىٰ حدّ تعبير الميرزا عبد الله الإصفهاني ـ الذي رأىٰ نسخة من هذا الشرح ـ قال: «وهو شرح مبسوط ممزوج بالمتن حسن جیّد جدّاً». وبناء علىٰ ما نقله هو: إنّ مؤلّف هذا الشرح فرغ منه في (9 ربيع الأوّل سنة 1029هـ) في مدينة الكاظمية25، ولم نعثر حاليّاً علىٰ نسخة منه.<br />
8ـ شرح نهج المسترشدين: تأليف الشيخ فخر الدين بن محمّد بن علي الطريحي (ت 1085 هـ)26 ؛ ولم تتوفّر لدينا حاليّاً معلومات أكثر عن هذا الشرح.<br />
9ـ مناهج الراشدين في شرح المسترشدين: تأليف علي بن أبي القاسم الحسيني العسكري (ت القرن 12هـ)؛ نسخة من هذا الشرح برقم: (861) موجودة في مركز إحياء ميراث إسلامي في قم، تمّت كتابته في (ربيع الأوّل سنة 1133هـ)27<br />
10ـ شرح نهج المسترشدين: للمولىٰ محمّد حسن بن مصطفىٰ الخوئيني (ت القرن 13 هـ)؛ شرح مزجي علىٰ: (نهج المسترشدين) ولم يطبع حتّىٰ الآن. وتوجد نسخة من هذا الشرح في مكتبة مجلس الشورىٰ الإسلامي، رقم: (3/10596) وتاريخ كتابتها في (28 ذي القعدة 1277هـ). وتحتوي هذه النسخة علىٰ شرح نهج المسترشدين إلىٰ الفصل الخامس من: (نهج المسترشدين) وقد فقدت الفصول المتبقّية منها. وفي أطراف النسخة توجد بعض الحواشي من قبل نفس الشارح.<br />
وسنتحدّث بعون الله في الأعداد القادمة من أبحاث (إطلالة علىٰ المدوّنات الكلامية) عن الشروح المطبوعة لـ: (نهج المسترشدين) وعن أوجه الشبه والاختلاف بينها.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
المصادر<br />
<br />
1ـ إرشاد الطالبین إلى نهج المسترشدین: السیوري الحلّي، مِقداد بن عبد الله، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مکتبة آية الله المرعشی العامّة، قم، 1405 ه.<br />
2ـ اندیشههای کلامی علّامه حلّی: اشمیتکه، زابینه، ترجمه: أحمد نمائی، بنیاد پژوهشهای آستان قدس رضوی، 1378ش. <br />
3ـ التوضیح الأنور بالحجج الواردة لدفع شُبه الأعور: الرازي الحبلرودي، خضر، تحقیق: السیّد مهدي الرجائي، مكتبة آیة الله المرعشي النجفي، قم، 1382 ه.<br />
4ـ الذریعة إلى تصانیف الشیعة: الطهراني، الشیخ آقا بزرك، دار الأضواء، بیروت، 1403ه.<br />
5ـ ریاض العلماء وحیاض الفضلاء: الأفندی الإصبهاني، مولى عبد الله، تحقیق: السیّد أحمد الحسیني، مکتبة سماحة آیة الله العظمی المرعشي النجفي الکبری، قم، 1401 ه. <br />
6ـ فهرستگان نسخه های خطّی ایران (فنخا): درایتی، مصطفی، سازمان اسناد وکتابخانه ملّی جمهوری اسلامی ایران، طهران، 1392هـ.<br />
7ـ معجم التراث الکلامي: السبحاني، الشیخ جعفر، مؤسّسة الإمام الصادق ×، قم، 1423 ه.<br />
8ـ منهاج الصلاح: الحلّي، الحسن بن یوسف، تحقیق: عبد الحمید المیردامادي، منشورات مکتبة العلّامة المجلسي، قم، 1430 ه.<br />
9ـ النظامیة في مذهب الإمامیّة: تصحیح وتحقیق: علي اوجبي، مرکز فرهنگی نشر قبله ودفتر نشر میراث مکتوب، طهران، 1375 ه.<br />
10ـ نهج المسترشدین في أصول الدین: الحلّي، الحسن بن یوسف، تحقیق: السیّد أحمد الحسیني، الشیخ هادي الیوسفي، قم.<br />
<br />
<br />
<br />
المدخل: 1
تمّت ترجمة هذه المقالة إلىٰ العربية من قبل هيئة التحرير.
(اطلالة علىٰ المدوّنات الكلامية) هو عنوان شامل أطلقتُه علىٰ مجموع سلسلة من المقالات تتناول دراسة التراث الكلامي وإعادة قراءته. ونسعىٰ في هذه السلسلة من المقالات أن نعرّف النصوص الكلامية المهمّة لمختلف الفرق الإسلامية ـ وخاصّة المذهب الشيعي ـ وأن ندرس مختلف جوانبها. ومن الواضح أنّ معرفة المصادر الكلامية والتعرّف علىٰ مميّزات وخصوصيّات كلّ واحد منها يعتبر من المقدّمات المهمّة في عالم التحقيق في مجال علم الكلام. فكلّ تحقيق يفتقر إلىٰ الاطّلاع الشامل والجامع والدقيق بتراث المتكلّمين الإسلاميّين فيما يخصّ آراءهم الاعتقادية وتطوّر الفكر الكلامي الإسلامي سيبقىٰ ناقصاً وغير تامّ وبعيداً عن النضوج، ويفتقر إلىٰ مقوّمات التحقيق العلمي. بناء علىٰ هذا؛ فإنّ الاطّلاع علىٰ المصادر الكلامية ومعرفة هيكلية تقسيم أبوابها وترتيب فصولها ومواضيعها، ومضامين كلّ واحد منها، ومعرفة موقعيّتها ومكانتها بين المؤلّفات الكلامية، كلّ ذلك يعتبر من الأمور المهمّة التي لابدّ من الإلمام بها في مجال التحقيقات والدراسات الكلامية. <br />
إنّ أحد الأمور المهمّة في التحقيق الدقيق والعميق في علم الكلام هو أن يقوم المحقّق بدراسة وتقصّي جميع المصادر التي لها علاقة بالبحث الذي هو بصدده، وأن لا يتوانا عن مراجعة كلّ كتاب جدير بالمراجعة تمّ تأليفه له علاقة بموضوع التحقيق. فمن المميّزات اللافتة للنظر في أغلب دراسات المستشرقين البارزين، هو معرفتهم الكاملة والدقيقة بمصادر التحقيق، والاستفادة القصوىٰ منها في عملية التحقيق. وهي سمة ناتجة عن اهتمامهم وسعيهم الدؤوب في مجال التحقيق، وللأسف قلّما نرىٰ هذا الجدّ والاجتهاد عند الباحثين من أبناء جلدتنا اليوم، وذلك بسبب التسرّع وتقاعس الهمم عند البعض منهم. وعلىٰ كلّ حال؛ فإنّنا اليوم قلّما نرىٰ في الكتابات الكلامية مقالات في مجال التعريف بالكتب تتناول المدوّنات الكلامية ودراستها، وقد سعينا قدر الإمكان في هذه السلسلة من المقالات أن نخطو خطوة باتّجاه الهدف السامي في إعادة دراسة التراث الكلامي الإسلامي والتعرّف عليه. <br />
وسوف نسعىٰ في هذه المقالات إلىٰ تعريف الكتب الكلامية المهمّة لمتكلّمي مختلف المذاهب، التي لها تأثيرها علىٰ الساحة العلمية ـ وبالطبع فإنّ الصدارة في تعريفنا لمتكلّمي المذاهب وكتبهم سوف تكون من نصيب متكلّمي الشيعة ومؤلّفاتهم ـ وسوف نتناول في هذه السلسلة من المقالات الكلامَ عن هيكلية تقسيم أبواب كلّ واحد من تلك الكتب وترتيب فصوله ومواضيعه ومضامينه وموقعيته وأهمّيّته في منظومة المؤلّفات الكلامية، ومن ثمّ نقوم في نهاية المطاف بتبيين وتقييم التصحيحات والتحقيقات التي تناولت مختلف هذه الكتب. ولا يخفىٰ أنّه ليس الهدف في هذه المقالات أن نقدّم تقريراً ودراسة دقيقة وجامعة عن مختلف أبعاد كلّ واحد من الكتب الكلامية، إذ أنّ تعقّب مثل هذا الهدف والوصول إلىٰ غايته يحتاج إلىٰ دراسات وتحقيقات جماعية ووقت طويل في هذا المجال. فالهدف هنا هو تقديم معلومات أوّلية للتعريف بالكتب الكلامية، ليتعرّف الباحث والمحقّق في مجال الكلام الإسلامي ـ وخاصّة الشيعي منه ـ بمقدار الضرورة وعلىٰ نحو الاختصار علىٰ تراث متكلّمي المسلمين، وأن يخطو في دراساته لهذه المصادر بقدم ثابتة وبمزيد من الاطّلاع عليها. وفضلاً عن تقديم المعلومات الأوّلية التي تتناول خصوصيّات هيكلية الكتب الكلامية ومضامينها في هذه السلسلة من المقالات فإنّ غاية ما نروم إليه في هذه السلسلة هو خصوص تبيين وتقييم التحقيقات والتصحيحات المختلفة التي تناولت تلك الكتب. ويعود هذا الاهتمام الخاصّ بتبيين وتقييم هذه التحقيقات إلىٰ حقيقة مفادها: إنّ الباحث في النصوص الكلامية لابدّ وأن يتعرّف علىٰ الطبعات والتحقيقات المختلفة لتلك النصوص ليستفيد من أفضلها في أبحاثه الكلامية. فإنّ الرجوع إلىٰ التحقيقات والتصحيحات الخاطئة وغير الدقيقة للمؤلّفات الكلامية يمكن أن يؤدّي بالباحث والمحقّق إلىٰ الوقوع بالخطأ في فهمه من تلك التحقيقات، ويقلّل من متانة ودقّة بحثه وتحقيقه؛ حيث هناك الكثير من النصوص التي طبعت معيبة وناقصة إلىٰ حدّ بحيث لا تمتلك في الأساس صلاحية الإحالة إليها والتعويل عليها؛ وذلك بسبب إهمال المحقّق أو عدم تخصّصه في أمر تحقيق النصّ، ممّا يستوجب علىٰ الباحث أن يعود إلىٰ النسخ الخطّية من تلك الكتب عوضاً عن الرجوع إلىٰ تلك التحقيقات. وسنتناول في هذه السلسلة من المقالات نماذج من مثل هذه التحقيقات. لذلك، فإنّ التعرّف علىٰ الطبعات والتحقيقات المعتبرة من غيرها وتمييزها يعدّ من المهارات الضرورية للباحثين في علم الكلام، بل لكلّ باحث ومحقّق يروم دراسة النصوص. ولذلك أسعىٰ ـ قدر الإمكان ـ في هذه السلسلة من المقالات أن أتطرّق إلىٰ تقييم مختلف تحقيقات الكتب الكلامية، وأن أقدّم للقارئ الكريم ما أراه الأفضل من بين تلك الطبعات. وآمل أن يتحمّل مصحّحوا ومحقّقوا الكتب الكلامية وناشروها المحترمون في بلداننا هذا التقييم والتحكيم من هذا الأقلّ، وأن لا يروا مدحه وذمّه لأعمالهم ناشئاً عن رفاقة أو عن منافسة، وأن لا يتحمّلوا وزر الدعاء عليه، ولا حتّىٰ استحسان عمله، فإنّ الله من وراء القصد.<br />
نظرة عجلىٰ علىٰ مقام العلّامة الحلّي ومكانته في منظومة الكلام الإمامي:<br />
هناك آراء مختلفة في شأن شخصية العلّامة الحلّي كمتكلّم (648ـ726هـ)، وفي خصوص مقامه وكتبه في الكلام الشيعي؛ فقد اعتبر البعض من أصحاب الخبرة أنّ كتب العلّامة العديدة والمتنوّعة دليل علىٰ مقامه الرفيع في الكلام الشيعي، ويعتقدون أنّه لولا تأليفاته وشروحه لا يمكن فهم الكثير من النصوص والأبحاث الكلامية للقدماء. في حين نرىٰ في الطرف المقابل أنّ البعض قد انتقده بسبب تأليفاته المكرّرة وغير المبتكرة، أو بسبب تقلّب آرائه في قسم من المسائل الكلامية، واعتبروه عالماً وليس متكلّماً ، أو متكلّماً ولكنّه ليس له ذاك التأثير في هذا المجال. ونحن نتحرّز أن نبدي رأياً قاطعاً في هذا المجال قبل التحرّي في الأمر والدراسة الكاملة لكتب العلّامة الحلّي؛ ولكن يمكننا أن نقول بهذا المقدار، وهو: إنّ تراث العلّامة الحلّي في علم الكلام علىٰ أقلّ تقدير من حيث شرح وتفصيل المسائل الكلامية وتسهيل فهمها وانتقال المعارف الكلامية المفيدة، هي كتب قيّمة جدّاً وجديرة بالاهتمام. وللعلّامة الحلّي باع في توضيح المسائل الفلسفية والكلامية، ولديه بيان سهل وقلم بليغ، ممّا أدّىٰ إلىٰ تمهيد الأرضية لاستقبال كتبه الكلامية من قبل الآخرين والإقبال عليها، ونخصّ بالذكر منها شروحه علىٰ النصوص الموجزة والصعبة مثل: (تجريد الاعتقاد) لنصير الدين الطوسي و(الياقوت) لإبراهيم بن نوبخت. وتعتبر الكتب المفصّلة للعلّامة مثل: (نهاية المرام) وإلىٰ حدّ ما: (الأسرار الخفية) كتباً قيّمة، فهي ذات معلومات مفيدة فيما يخصّ مختلف مسائل علم الكلام. بناء علىٰ هذا فإنّ التراث الكلامي للعلّامة الحلّي ـ في المجموع ـ يشكّل جزءاً مهمّاً من التراث الكلامي الإمامي في القرون الهجرية الوسطىٰ، بحيث إذا قمنا بحذف ذلك التراث من قائمة الكتب الكلامية الشيعية لتلك الحقبة؛ لا يبقىٰ لنا حينها من التراث الكلامي الشيعي ما يرشدنا إلىٰ ذلك التراث الفكري الثرّ وتطوّره في تلك الحقبة سوىٰ بعض الكتب من تراثنا الكلامي. كما أنّ بعض كتب العلّامة مثل: (كشف المراد) و(الباب الحادي عشر) و(نهج المسترشدين) هي الأخرىٰ تعدّ ـ ومنذ زمن تأليفها وحتّىٰ يومنا هذا ـ من ضمن البرنامج الدراسي في مجموعة الكتب الدراسية لطالبي علم الكلام، وهي تعتبر الأساس في دراسة علم الكلام الإمامي في الحوزات العلمية الشيعية. وأكتفي بهذا المقدار لإثبات مقام العلّامة الحلّي وكتبه وأهمّيّتهما في الكلام الشيعي، وأحيل تفصيل الكلام في هذا الشأن عند تعريفي كتب العلّامة.<br />
كتاب: (نهج المسترشدين في أصول الدين):<br />
يعدّ كتاب: (نهج المسترشدين في أصول الدين) للعلّامة الحلّي (ت 726هـ) ـ المتكلّم البارز في مدرسة الحلّة ـ من الكتب المختصرة من حيث عدد الأوراق، ولكنّه من الكتب القيّمة من حيث المحتوىٰ والمضمون. وقد ألّف العلّامة هذا الكتاب بطلب من نجله فخر المحقّقين، وقد فرغ منه في (ربيع الأوّل سنة 699هـ)2
التاریخ المذكور للفراغ من تألیف: (نهج المسترشدین) إنّما جاء بناء علىٰ ما ذكره الكاتب في النسخة الخطّية من هذه الرسالة النسخة رقم: (1/689) مرکز إحیاء میراث إسلامي المكتوبة في تاریخ (722 هـ)، وقد ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتاب الذریعة. انظر: الذریعة 24 / 424. بناء علىٰ هذا فإنّ تاریخ (12 ربیع الأوّل) المذكور في فهرست فنخا 33 / 987، يبدو أنّه خطأ، وتاريخ اليوم الصحيح هو نفس (22 ربیع الأوّل).
وقد تمّت طباعة هذا الكتاب (سنة 1303هـ) بطبعة حجرية في بومباي الهند مع كتاب: (إرشاد الطالبين). ومن ثمّ قام كلّ من السيّد أحمد الحسيني والشيخ هادي اليوسفي بتصحيح وتحقيق: (نهج المسترشدين) وقام مجمع الذخائر الإسلامية في قم بطباعته ونشره في (68 صفحة) بالقطع الوزيري، وكان تحقيقهما للكتاب اعتماداً علىٰ نسختين منه موجودتين في مكتبة آية الله المرعشي النجفي، رقم: (3/4) والتي كتبت بتاريخ (705هـ) والنسخة رقم: (6 /1467) التي كتبت بتاريخ (1106هـ)، في حين يوجد اليوم نسخ خطّية كثيرة من هذا الكتاب نتيجة لإقبال علماء الشيعة عليه واهتمامهم به، بحيث أنّ بعضها ـ مثل النسخة رقم: (955) في مكتبة آستان قدس رضوي ـ كتبت في زمان حياة العلّامة بتاريخ (702هـ)، وكان ينبغي أن تؤخذ بنظر الاعتبار في تحقيق هذا الكتاب. وقد تمّ تعريف (94 نسخة خطّية) من: (نهج المسترشدين) في فهرست فنخا3
فهرستگان نسخه هاى خطّى ایران (فنخا) 33 / 987ـ993.
للحصول علىٰ مزيد من المعلومات بشأن بعض النسخ الخطّية من هذا الكتاب الموجودة خارج إيران، انظر: اندیشه هاي کلامي علّامة حلّي، ترجمة: أحمد نمائي: 112ـ113؛ معجم التراث الکلامي 5 / 429.
هذا ومن حيث التحقيق فإنّ عمل المحقّقَين ـ شكر الله مساعيهما ـ أيضاً لم يكن تحقيقاً فنّيّاً ولا موافقاً لأصول التحقيق، وقد خلا المتن في هذا التحقيق من نسخ البدل تقريباً؛ علماً بأنّ النسخ البديلة هي أحد الشروط اللازمة ومن المميّزات البارزة للتحقيق الفنّي العلمي الدقيق. وفضلاً عن الأخطاء الواضحة في ضبط الكلمات في هذا التحقيق ـ مثل: ضبط (الأعراض) بدلاً عن الوجه الصحيح: (الأعواض)5
نهج المسترشدين في أصول الدين: 56، سطر: 2.
«إنّما یجب اللطف إذا لم یشتمل علىٰ وجه قبح، فلم لا یجوز استعمال الإمامة علىٰ وجه قبح لا یعلمونه؟». نفس المصدر: 62.
«البحث الرابع: في إمكان خلق عالم آخر: والخلاف مع الفلاسفة والدليل عليه أنّه لو امتنع لما وجد هذا العالم؛ لوجوب تساوي الأمثال في الأحكام. والإجماع ولقوله تعالىٰ: ﴿أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلىٰ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾. نفس المصدر: 77، سطر: 6.
نفس المصدر : 58، السطر الأخير.
وهو واحد، لیس بأمر ولا نهي ولا خبر ولا نداء، ویسمّىٰ: (الکلام النفساني)»9
نفس المصدر : 41..
فالعبارة الآنفة الذكر: «وهو واحد...» هي استمرار لتوصيف الكلام النفساني علىٰ رأي الأشاعرة، ولا ينبغي أن يأتي في فقرة مستقلّة، بل كان يجب أن يأتي استمراراً لنفس العبارة السابقة.<br />
ويمكن ملاحظة مثل هذه الموارد في هذا التحقيق.<br />
وعلىٰ كلّ، فبناء علىٰ ما ذكرناه فإنّ التحقيق الموجود من: (نهج المسترشدين) لا يعدّ تحقيقاً فنّيّاً ولا علميّاً، ولابدّ من تحقيق هذا الكتاب القيّم مرّة أخرىٰ تحقيقاً علميّاً دقيقاً قائماً علىٰ أساس النسخ القديمة الكثيرة مع الأخذ بنظر الاعتبار الشروح المختلفة التي كتبت حول الكتاب.<br />
هذا وأنّ كتاب: (نهج المسترشدين) من حيث الهيكلية والترتيب يتكوّن من (ثلاثة عشر فصلاً)، حيث يشتمل كلّ فصل منها علىٰ عدّة أبحاث. وفصول هذا الكتاب هي عبارة عن: <br />
1ـ تقسیم المعلومات؛ 2ـ أقسام الممکنات؛ 3ـ أحکام المعلومات؛ 4ـ أحکام الموجودات؛ 5ـ إثبات واجب الوجود وصفاته؛ 6ـ أحکام صفات واجب الوجود؛ 7ـ فيما هو محال علىٰ الباري تعالىٰ؛ 8ـ العدل؛ 9ـ فروع العدل؛ 10ـ النبوّة؛ 11ـ الإمامة؛ 12ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر؛ 13ـ المعاد.<br />
تحتوي قائمة تأليفات العلّامة علىٰ العديد من الكتب الكلامية المختلفة، وهي كتب متنوّعة من حيث الإجمال والتفصيل، والعمق، والفائدة، والأهمّية، فقد ألّف العلّامة كلّ واحد من تلك الكتب لغرض معيّن. فكتابه: (نهج المسترشدين) ـ وكما عبّر عنه العلّامة كونه: (مقدّمة)10
نفس المصدر : 85.
إرشاد الطالبین إلىٰ نهج المسترشدین: 4.
منهاج الصلاح: 521.
«فهذا کتاب: (نهج المسترشدین في أصول الدین) لخّصت فیه مبادیء القواعد الکلامیة ورؤوس المطالب الأصولیة؛ نفع الله تعالىٰ به طلّاب الیقین». نهج المسترشدین في أصول الدین: 17..
وقد سعىٰ العلّامة في كتاب: (نهج المسترشدين) أن يختصر الخطاب، ويبيّن اللباب من أصل المواضيع، محترزاً عن الإطناب والإسهاب. وبناء علىٰ هذا فقد اجتنب عن ذكر جميع الاستدلالات التي تمّت مناقشتها في مختلف الأبحاث، واكتفىٰ بذكر الأدلّة المنتخبة فقط. فلذلك كانت هذه الرسالة مناسبة لتدريس وتعليم علم الكلام في القرون الإسلامية الوسطىٰ، وكانت محلّ إقبال طالبي علم الكلام. ولأجل ذلك أكّد العلّامة الحلّي في نهاية هذه الرسالة علىٰ مَن أراد التفصيل والبسط في المواضيع علىه الرجوع إلىٰ كتابه الكبير: (نهایة المرام في علم الکلام)، وعلىٰ مَن أراد الاعتدال في مناقشة المسائل الكلامية فعليه مراجعة سائر كتبه مثل: (منتهىٰ الوصول) و(مناهج الیقین)14
نفس المصدر: 85..
نفس المصدر: 22.
نفس المصدر: 30، 38، 40، 41، 43، 49، 70، 74.
نفس المصدر: 43، 74.
ثالثاً: الشروح المكتوبة علىٰ (نهج المسترشدين في أصول الدين):<br />
وكما قلنا سابقاً فإنّ كتاب: (نهج المسترشدين) شاع صيته بين علماء الشيعة بعد تأليفه، وحظىٰ بمنزلة مرموقة عندهم، وصار محلّ اهتمامهم وإقبالهم؛ والدليل علىٰ ذلك الشروح العديدة والمختلفة التي كتبت علىٰ هذا الكتاب منذ زمن تأليفه وحتّىٰ يومنا هذا. وأهمّ تلك الشروح هي:<br />
1ـ تذکرة الواصلین في شرح نهج المسترشدين: تألیف السیّد نظام الدین عبد الحمید بن مَجد الدین الأعرجي الحسیني، فرغ منه في (جمادىٰ الآخرة سنة 703هـ). وقد تمّ نشر هذا الشرح بتحقيق: الشيخ طاهر السلامي من قبل المرکز الإسلامي للدراسات الاستراتیجیة التابع للعتبة العبّاسیة في کربلا (سنة 1436هـ)؛ وسنبسط الكلام بالتفصيل ـ إن شاء الله ـ في العدد اللاحق عندما نتناول هذا التحقيق.<br />
2ـ تبصرة الطالبین في شرح نهج المسترشدين: تأليف السیّد عمید الدین عبد المطّلب بن محمّد (مَجد الدین) العمیدي الأعرَجي الحُسَیني (ت754ھ)، المعروف بـ: (عمید الدین بن الأعرج).<br />
تمّت كتابة هذا الشرح علىٰ طريقة: (قال ـ أقول)، ولم يطبع حتّىٰ الآن18
بناء علىٰ ما سمعناه فإنّ هذا الشرح تمّ تصحيحه من قبل بعض المحقّقين وهو علىٰ شُرف النشر ليرىٰ النور.
3ـ معراج الیقین في شرح نهج المسترشدين في أصول الدین: شرح محمّد بن حسن بن یوسف بن المطهّر الحلّي (ت 771 هـ) المعروف بـ: (فخر المحقّقین) نجل العلّامة الحلّي، تمّت كتابته في (6 بيع الآخر سنة 715هـ). وقد تمّ نشره لاحقاً بتحقيق الشيخ طاهر السلامي من قبل المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية التابعة للعتبة العبّاسية، كربلاء المقدّسة. وسنتطرّق لتعريفه بتوفيق من الباري عزّ وجلّ في إحدىٰ مقالاتنا اللاحقة من سلسة هذه الأبحاث. <br />
4ـ موصل الطالبین إلىٰ شرح نهج المسترشدين: تأليف نصیر الدین الکاشاني (ت 755 ھ )؛ نصیر الدین الکاشاني (القاشي) (ت 755 هـ) متکلّم إمامي بارز سكن الحلّة، وكان أستاذاً لثلّة من العلماء مثل: السيّد حيدر الحلّي الآملي (ت 787هـ)؛ شمس الدين محمّد بن صدقة الحلّي؛ وابن العتائقي الحلّي (ت 790هـ). له مؤلّفات مهمّة مثل شرحه علىٰ: (نهج المسترشدين) الموسوم بـ: (موصل الطالبين). يعتبر هذا الشرح من الشروح التعليقية؛ حيث قام المصنّف في كلّ قسم من شرحه بتوضيح وشرح معاني الكلمات أو العبارات التي يذكرها من: (نهج المسترشدين) ويتناول المواضيع المرتبطة بها.<br />
ولم يطبع شرح الكاشي علىٰ: (نهج المسترشدين) حتّىٰ الآن؛ ولكن بناء علىٰ المعلومات المتوفّرة لدينا توجد منه ثلاث نسخ خطّية نذكرها فيما يلي19
أتقدّم بالشكر الجزيل والامتنان إلىٰ جناب السيّد مصطفىٰ أحمدي المحترم الذي وفّر لي نسخ هذا الكتاب وبعض الشروح الأخرىٰ من نهج المسترشدين.:
النسخةالأولىٰ: نسخة كاملة موجودة في مكتبة ملك الوطنية رقم: (1629)، تمّ الفراغ منها في (السادس من ربيع الأوّل سنة 791هـ).<br />
والنسختان الأخريان: موجودتان في مكتبة آستان قدس رضوي؛ إحداهما رقم: (14662)، وهي نسخة كاملة كتبت سنة (1091هـ)، والأخرىٰ رقم: (6536) (86 ورقة)، كتبت بين أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر، وسقطت من آخرها بعض الأوراق.<br />
تمّ تعريف هاتين النسختين الرضويّتين في فهرست (فنخا) بصفتهما شروحاً غير معروفة علىٰ (نهج المسترشدين)20
انظر: فنخا 20 / 914.
جاءت عبارة الشیخ آقا بزرك كالتالي: «( 2022: شرح نهج المسترشدين) بعنوان قوله قوله أيضاً لبعض الأصحاب وهو تعليقات علىٰ الكتاب، أوّله: (قوله: الحمد لله المنقذ من الحيرة إلخ. اعلم أنّ الحمد هو الثناء علىٰ الجميل الاختياري...) رأيت نسخته في المكتبة الرضوية قد أحال فيه الشارح هذا إلىٰ كتابه: (نهاية المرام) وبما أنّ: (نهاية المرام) في علم الكلام من تصانيف آية الله العلّامة الحلّي [...] استظهرنا أنّ هذه التعليقات لآية الله العلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف نفسه دوّنها بنفسه أو غيره بعده والله العالم». الذریعة 14 / 162.
5ـ إرشاد الطالبین إلىٰ نهج المسترشدین: تألیف جمال الدین المِقداد بن عبد الله السیوري الحلّي (ت 826 هـ)، تمّ كتابته في (21 شعبان سنة 792هـ). وقد تمّ نشر هذا الشرح قبل سنين مضت بتحقيق السيّد مهدي الرجائي ولكنّه لا يزال يحتاج إلىٰ تحقيق علمي جديد22
إرشاد الطالبین إلىٰ نهج المسترشدین، للمقداد السُیُوري، جمال الدین، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي،1405 هـ.
6ـ التحقیق المبین في شرح نهج المسترشدین في أصول الدین: تألیف نجم الدین خضر بن شیخ شمس الدین محمّد بن علي الرازي الحَبلَرودي (ت حدود 850هـ)، له العديد من الكتب الكلامية، منها: (التوضيح الأنور بالحجج الواردة لدفع شُبه الأعور)23
التوضیح الأنور بالحجج الواردة لدفع شُبه الأعور، الرازي الحبلرودي، خضر، تحقیق: السیّد مهدي الرجائي، مكتبة آیة الله المرعشي النجفي، قم، 1382 ش.
التحقيق المبيّن: هو شرح مزجي مبسوط علىٰ (نهج المسترشدين) وقد تمّت كتابته في (الثلاثين من ذي القعدة سنة 828هـ) ولم يطبع هذا الشرح حتّىٰ الآن؛ ولكن توفّرت اليوم ثلاث نسخ خطّية منه24
انظر: فنخا 7 / 699..
النسخة الأولىٰ: النسخة رقم: (372) في مكتبة آستان قدس رضوي وتاريخ كتابتها (سنة1045هـ).<br />
النسخة الثانية: النسخة رقم: (6111) في مكتبة آية الله النجفي المرعشي، وتاريخ كتابتها (سنة1105 هـ).<br />
النسخة الثالثة: النسخة رقم: (1271) في مكتبة سپهسالار، وتاريخ كتابتها (سنة1256 هـ).<br />
7ـ كشف أحوال الدين في شرح نهج المسترشدين: للشيخ جواد بن سعيد بن جواد الكاظمي؛ الشارح هو شيخ الإسلام أستراباد، كان من تلامذة الشيخ البهائي، وعلىٰ حدّ تعبير الميرزا عبد الله الإصفهاني ـ الذي رأىٰ نسخة من هذا الشرح ـ قال: «وهو شرح مبسوط ممزوج بالمتن حسن جیّد جدّاً». وبناء علىٰ ما نقله هو: إنّ مؤلّف هذا الشرح فرغ منه في (9 ربيع الأوّل سنة 1029هـ) في مدينة الكاظمية25
انظر: ریاض العلماء وحیاض الفضلاء 1 / 118ـ119.
8ـ شرح نهج المسترشدين: تأليف الشيخ فخر الدين بن محمّد بن علي الطريحي (ت 1085 هـ)26
الذریعة 14 / 162.
9ـ مناهج الراشدين في شرح المسترشدين: تأليف علي بن أبي القاسم الحسيني العسكري (ت القرن 12هـ)؛ نسخة من هذا الشرح برقم: (861) موجودة في مركز إحياء ميراث إسلامي في قم، تمّت كتابته في (ربيع الأوّل سنة 1133هـ)27
انظر: فنخا 31 / 685..
10ـ شرح نهج المسترشدين: للمولىٰ محمّد حسن بن مصطفىٰ الخوئيني (ت القرن 13 هـ)؛ شرح مزجي علىٰ: (نهج المسترشدين) ولم يطبع حتّىٰ الآن. وتوجد نسخة من هذا الشرح في مكتبة مجلس الشورىٰ الإسلامي، رقم: (3/10596) وتاريخ كتابتها في (28 ذي القعدة 1277هـ). وتحتوي هذه النسخة علىٰ شرح نهج المسترشدين إلىٰ الفصل الخامس من: (نهج المسترشدين) وقد فقدت الفصول المتبقّية منها. وفي أطراف النسخة توجد بعض الحواشي من قبل نفس الشارح.<br />
وسنتحدّث بعون الله في الأعداد القادمة من أبحاث (إطلالة علىٰ المدوّنات الكلامية) عن الشروح المطبوعة لـ: (نهج المسترشدين) وعن أوجه الشبه والاختلاف بينها.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
المصادر<br />
<br />
1ـ إرشاد الطالبین إلى نهج المسترشدین: السیوري الحلّي، مِقداد بن عبد الله، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مکتبة آية الله المرعشی العامّة، قم، 1405 ه.<br />
2ـ اندیشههای کلامی علّامه حلّی: اشمیتکه، زابینه، ترجمه: أحمد نمائی، بنیاد پژوهشهای آستان قدس رضوی، 1378ش. <br />
3ـ التوضیح الأنور بالحجج الواردة لدفع شُبه الأعور: الرازي الحبلرودي، خضر، تحقیق: السیّد مهدي الرجائي، مكتبة آیة الله المرعشي النجفي، قم، 1382 ه.<br />
4ـ الذریعة إلى تصانیف الشیعة: الطهراني، الشیخ آقا بزرك، دار الأضواء، بیروت، 1403ه.<br />
5ـ ریاض العلماء وحیاض الفضلاء: الأفندی الإصبهاني، مولى عبد الله، تحقیق: السیّد أحمد الحسیني، مکتبة سماحة آیة الله العظمی المرعشي النجفي الکبری، قم، 1401 ه. <br />
6ـ فهرستگان نسخه های خطّی ایران (فنخا): درایتی، مصطفی، سازمان اسناد وکتابخانه ملّی جمهوری اسلامی ایران، طهران، 1392هـ.<br />
7ـ معجم التراث الکلامي: السبحاني، الشیخ جعفر، مؤسّسة الإمام الصادق ×، قم، 1423 ه.<br />
8ـ منهاج الصلاح: الحلّي، الحسن بن یوسف، تحقیق: عبد الحمید المیردامادي، منشورات مکتبة العلّامة المجلسي، قم، 1430 ه.<br />
9ـ النظامیة في مذهب الإمامیّة: تصحیح وتحقیق: علي اوجبي، مرکز فرهنگی نشر قبله ودفتر نشر میراث مکتوب، طهران، 1375 ه.<br />
10ـ نهج المسترشدین في أصول الدین: الحلّي، الحسن بن یوسف، تحقیق: السیّد أحمد الحسیني، الشیخ هادي الیوسفي، قم.<br />
- تمّت ترجمة هذه المقالة إلىٰ العربية من قبل هيئة التحرير.
- التاریخ المذكور للفراغ من تألیف: (نهج المسترشدین) إنّما جاء بناء علىٰ ما ذكره الكاتب في النسخة الخطّية من هذه الرسالة النسخة رقم: (1/689) مرکز إحیاء میراث إسلامي المكتوبة في تاریخ (722 هـ)، وقد ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتاب الذریعة. انظر: الذریعة 24 / 424. بناء علىٰ هذا فإنّ تاریخ (12 ربیع الأوّل) المذكور في فهرست فنخا 33 / 987، يبدو أنّه خطأ، وتاريخ اليوم الصحيح هو نفس (22 ربیع الأوّل).
- فهرستگان نسخه هاى خطّى ایران (فنخا) 33 / 987ـ993.
- للحصول علىٰ مزيد من المعلومات بشأن بعض النسخ الخطّية من هذا الكتاب الموجودة خارج إيران، انظر: اندیشه هاي کلامي علّامة حلّي، ترجمة: أحمد نمائي: 112ـ113؛ معجم التراث الکلامي 5 / 429.
- نهج المسترشدين في أصول الدين: 56، سطر: 2.
- «إنّما یجب اللطف إذا لم یشتمل علىٰ وجه قبح، فلم لا یجوز استعمال الإمامة علىٰ وجه قبح لا یعلمونه؟». نفس المصدر: 62.
- «البحث الرابع: في إمكان خلق عالم آخر: والخلاف مع الفلاسفة والدليل عليه أنّه لو امتنع لما وجد هذا العالم؛ لوجوب تساوي الأمثال في الأحكام. والإجماع ولقوله تعالىٰ: ﴿أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلىٰ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾. نفس المصدر: 77، سطر: 6.
- نفس المصدر : 58، السطر الأخير.
- نفس المصدر : 41..
- نفس المصدر : 85.
- إرشاد الطالبین إلىٰ نهج المسترشدین: 4.
- منهاج الصلاح: 521.
- «فهذا کتاب: (نهج المسترشدین في أصول الدین) لخّصت فیه مبادیء القواعد الکلامیة ورؤوس المطالب الأصولیة؛ نفع الله تعالىٰ به طلّاب الیقین». نهج المسترشدین في أصول الدین: 17..
- نفس المصدر: 85..
- نفس المصدر: 22.
- نفس المصدر: 30، 38، 40، 41، 43، 49، 70، 74.
- نفس المصدر: 43، 74.
- بناء علىٰ ما سمعناه فإنّ هذا الشرح تمّ تصحيحه من قبل بعض المحقّقين وهو علىٰ شُرف النشر ليرىٰ النور.
- أتقدّم بالشكر الجزيل والامتنان إلىٰ جناب السيّد مصطفىٰ أحمدي المحترم الذي وفّر لي نسخ هذا الكتاب وبعض الشروح الأخرىٰ من نهج المسترشدين.:
- انظر: فنخا 20 / 914.
- جاءت عبارة الشیخ آقا بزرك كالتالي: «( 2022: شرح نهج المسترشدين) بعنوان قوله قوله أيضاً لبعض الأصحاب وهو تعليقات علىٰ الكتاب، أوّله: (قوله: الحمد لله المنقذ من الحيرة إلخ. اعلم أنّ الحمد هو الثناء علىٰ الجميل الاختياري...) رأيت نسخته في المكتبة الرضوية قد أحال فيه الشارح هذا إلىٰ كتابه: (نهاية المرام) وبما أنّ: (نهاية المرام) في علم الكلام من تصانيف آية الله العلّامة الحلّي [...] استظهرنا أنّ هذه التعليقات لآية الله العلّامة جمال الدين الحسن بن يوسف نفسه دوّنها بنفسه أو غيره بعده والله العالم». الذریعة 14 / 162.
- إرشاد الطالبین إلىٰ نهج المسترشدین، للمقداد السُیُوري، جمال الدین، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي،1405 هـ.
- التوضیح الأنور بالحجج الواردة لدفع شُبه الأعور، الرازي الحبلرودي، خضر، تحقیق: السیّد مهدي الرجائي، مكتبة آیة الله المرعشي النجفي، قم، 1382 ش.
- انظر: فنخا 7 / 699..
- انظر: ریاض العلماء وحیاض الفضلاء 1 / 118ـ119.
- الذریعة 14 / 162.
- انظر: فنخا 31 / 685..